“الماء المغلي” عقوبة الزوج الشكاك!

الفرق بين الغيرة والشك شعرة رفيعة لا يراها سوى العقلاء ، وهذه الشعرة بقدر ضآلتها فإنها تصنع فارقًا كبيرًا، الغيرة ملح الحياة الزوجية والتي تضفي على العلاقة بين الزوجين نكهة مميزة ، أما الشك فهو شرارة النار التي تلتهم أواصر الثقة والمحبة وتقضي على العلاقة من أساسها.
في هذه القضية تجاوز الزوج مرحلة الغيرة إلى الشك فنال عقابًا قاسيًا من زوجته لم يخطر له على بال.
التفاصيل في السطور القادمة،
نجلاء من أسرة متوسطة الحال لم تحظ باستكمال دراستها مثل باقى اخوتها الذين يعايرونها دائمًا بجهلها إلى جانب انها كانت أقل حظًا منهم حتى فى الزواج واختيار شريك الحياة مما اثر بالسلب على شعورها الداخلى بالنقص وبأنها أقل منهم جميعًا ولأن ماباليد حيلة عاشت نجلاء مع أبيها المسن المريض الذى لايستطيع الحركة بعد أن تزوج إخوتها جميعًا واستقلوا بحياتهم بعيدًا عنها ومن حين لآخر يسألون على والدهم بعدما فرضوا عليها جلوسها بجانبه من أجل خدمته والسهر على راحته، مرت السنوات الطويلة ودموع نجلاء لم تجف ليلا ونهارًا بسبب شعورها الدائم بالوحدة الذى ترك بداخلها تبلدًا اجتماعيًا خاصة من العلاقات المحيطة وظهر ذلك واضحًا على شكلها ومظهرها العام حتى تخيل البعض من المقربين اليها سواء من الجيران أو الاصدقاء بأنها قد تكون مريضة أو تعانى من نقص المكملات الغذائية فمنهم من نصحها بالذهاب للطبيب ومنهم من نصحها بسرعة الزواج والارتباط حتى لايفوتها القطار وتبكى على اللبن المسكوب ولكن بعد فوات الآوان .
تعلقت هذه الكلمات فى ذهن نجلاء وبدأت تصاحب السهر وترافق الحيرة وتفكر بالفعل بالزواج من أى شخص من اجل الاستقرار وإنجاب الاطفال وبعد أن حددت هدفها بدأت رحلة البحث عن العريس المناسب الذى يتكافأ معها فى نفس الظروف والفرص الاجتماعية ويتقبلها بعيوبها قبل مميزاتها وبعد عناء طويل وقعت عيناها على شاب بسيط يعمل كهربائيًا بمحل مجاور لبيتهم مجرد أن رأته وكأن شيئًا سلب منها دون إرادتها وشعرت بنبضات قلبها تزداد بسرعة عن المسموح به وعقلها دائم الشرود فأدركت انه الحب من اول نظرة وأصبحت تختلق الحجج للذهاب لمحل الكهربائى لرؤية حبيبها وتكتفى فقط بأن تختلس النظرات الخاطفة اليه من بعيد لبعيد وفى يوم ذهبت لبيتها والفرحة تنطق من وجهها وقلبها يكاد أن يقتلع من جذوره خاصة بعدما شعرت بأنه يبادلها نفس الشعور والنظرات العاطفية التى تقول الكثير والكثير ولكن دون كلام او إفصاح عن المشاعر ومرت الايام الطويلة والوضع على حاله، العاشق الولهان لم يبادر بحقيقة مشاعره لذلك قررت نجلاء أن تخرج عن المألوف وتصارحه بحقيقة مشاعرها تجاهه وبعد أن فعلت كانت المفاجأة أخبرها بأنه متزوج ولديه طفلين فى عمر الزهور وبأنه غير قادر على فتح بيت آخر وتحمل مسئولية زيادة على عاتقه وطلب منها أن تكمل معه قصة الحب فى الخفاء دون أن يدرى احد.
وقعت الصدمة عليها وكأن دهسها قطار كبير بعد أن شعرت بانهيار احلامها وطموحاتها التى رسمتها وخططت اليها فى المستقبل مع هذا الشاب وقررت أن تلجأ لوحدتها مرة أخرى وتنزوى على نفسها ولا تتكلم مع احد ولكن هذا الوضع لم يطل كثيرا خاصة بعدما تقدم اليها رجل يكبرها بعشرة أعوام لم يكمل تعليمه مثلها اختارها هى على وجه الخصوص بعد أن توفيت زوجته من اجل تربية أبنائه الثلاثة وقبل ان تعطى لنفسها فرصة كافية من التفكير وافقت على الارتباط به بعد علمها بمستواه المادى وبأنه مقتدر ماديًا وسيخلصها من الفقر وحياة الذل التى تعيشها وبعد ايام قليلة احتفلت نجلاء بزواجها ولم تبال لنظرات الشفقة التى حاصرتها من كل اتجاه سواء من الاقارب والجيران والاصدقاء بسبب فارق السن الواضح بينها و زوجها وأيضا بسبب وضعه الاجتماعى وبأنها ستكون فقط مجرد خادمة فى البيت تربى أطفال ليسوا أبناءها لكنها كذبت جميع التوقعات وأيضا حدسها بالواقع الاليم الذى سوف تعيشه وبعد انتهاء شهر العسل وايام السعادة والهناء بدأ الوضع يتغير إلى الاسوأ تماما حيث كشف الزوج عن انيابه وتغيرت معاملته مع زوجته واعتاد السهر والمبيت خارج المنزل وشيئًا فشيئًا انقطعت بينهما حبال الوصال واصبحت كالخادمة فى البيت تقوم بواجباتها دون مقابل استحملت نجلاء هذا الوضع لفترة من الزمن حتى ساء الوضع وتعدى المسموح به بعد أن تجرأ زوجها عليها بالضرب بطريقة وحشية على اتفه الامور والاسباب فلم تمر ليلة دون أن تبكى فيها الزوجة على حالها ووضعها الذى لم يسر عدو ولا حبيب، فكرت فى الانتحار والتخلص من حياتها أكثر من مرة ولكن دون جدوى وفى ليلة من الليالى ظهر فى حياة نجلاء ذلك الشاب البسيط الذى يعمل كهربائيا فى المنطقة المجاورة التى تسكن بها لم تتردد الزوجة فى لقائه ومحادثته هاتفيا ليلا ونهارا من أجل إشباع رغباتها المكبوتة ودون أن تفكر فى وضعها كزوجة حيث انساقت وراء مشاعرها وعواطفها التى قادتها حتمًا إلى مصير مجهول نهايته سوداء، عاشت قصة حب من جديد مع ذلك الشاب دون ان تفعل معه الرذيلة حفاظًا على البيت الذى تعيش فيه وحتى لاتخسر الاستقرار الاسرى واصبحت غير مبالية لتجاهل زوجها ومعاملته القاسية معها.
لاحظ الزوج التغير المفاجئ الذى طرأ على زوجته فدب الشك فى قلبه وقرر أن يراقبها بنفسه حتى يتأكد من صدق احاسيسه ولكن دون جدوى حدثه البعض أن يأخذ باله من تصرفات زوجته ولكن دون أن يملك برهان قوى او حتى دليل مادى قرر أن يضربها “علقة موت” حتى تعترف بالخيانه وبمعاملة الحيوانات انهال عليها بالضرب القاسى المبرح وكأنه فى حالة اللاوعى فوقعت نجلاء على الارض غارقة فى دمائها من كل اتجاه ولم تشعر بذاتها إلا وهى مسرعة للمطبخ الذى كانت تحضر فيه الماء الساخن المغلى على النار لعمل شاى لزوجها وفى لحظة شيطانية أمسكت ببراد الماء المغلى وصوبته فى وجه زوجها الذى وقع على الارض غير قادر على الإبصار والنطق فى حالة هلع وذهول مما حدث ،تم نقله إلى المستشفى متأثرًا بجروح من الدرجة الثالثة التى قضت على ملامح وجهه وشوهته بالكامل وفى حالة حرجة ينازع من اجل الحياة وتم القبض على المتهمة التى حاولت الفرار وقت الحادثة ولكن الجيران نجحوا فى الإمساك بها وفى النيابة العامة اعترفت المتهمة بجريمتها واحالت النيابة القضية رقم 290 إلى محكمة جنايات القاهرة التى أمرت بحبس المتهمة احتياطيًا على ذمة المحاكمة طبقًا لمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة.